الاتحاد الدولي لكرة القدم: ثورة الكرة المغربية ليست صدفة

نجاحات المنتخبات المغربية ليست وليدة الصدفة بل نتاج عمل وتخطيط سنوات.

اكتملت أركان النجاح للمشروع المغربي الخاص بكرة القدم، بعد الإنجاز التاريخي للمنتخب النسوي الأول، بالتأهل لأول مرة إلى ثمن نهائي كأس العالم للسيدات FIFA، الذي كان بمثابة القطعة الأخيرة في البناء الشاهق الجميل، الذي جرى تشييده على مدار سنوات، والآن يتم حصد ثمار العمل الدؤوب على كافة الأصعدة والقطاعات.

وكان الاتحاد المغربي لكرة القدم قد شرع في تنفيذ خطة إصلاح شاملة لكافة المنتخبات الوطنية المرتبطة باللعبة منذ بداية العقد الثاني من الألفية الجديد، وبدأ التخطيط للمستقبل مُستشهدًا بمشاريع ناجحة، ومُستفيدًا من مُخلفات تجارب سابقة لم يكتب لها الاكتمال، من أجل أن يأتي اليوم وترتقي الكرة المغربية لتصل إلى العالمية، وهو ما يحدث في الوقت الراهن على مختلف الأصعدة.

نجاحات الكرة المغربية

يبقى الإنجاز الأكبر والأهم لكرة القدم المغربية، والذي ربما فاق توقعات أكثر المتفائلين، هو وصول المنتخب الأول إلى نصف نهائي كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢، والصورة “المُدهشة” التي تعرّف بها العالم على الكرة المغربية في المونديال الأخير، كأول منتخب من قارة أفريقيا يعيش هذا النجاح غير المسبوق.

النجاحات لم تتوقف عند حد المنتخب الأول فقط، بل تم الاهتمام بالفئات السنية، فحقق المنتخب المغربي الأولمبي إنجازه الأخير بالتتويج ببطولة الأمم الأفريقيةFIFA تحت ٢٣ عامًا، والتأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية ٢٠٢٤ على قمة كرة القدم الأفريقية، وهو ما لا يُعتبر سوى غيض من فيض: أشبال الأطلس لأقل من ١٧ سنة بلغوا نهائي كأس أمم إفريقيا قبل أشهر في البطولة التي أُقيمت في الجزائر وهو ما أهلهم لكأس العالم لنفس الفئة،

الدعم والتخطيط في الاتحاد المغربي لم يُهمل كرة القدم النسائية، بل تم تجهيز الجيل النسوي الحالي لمعانقة العالمية، وبدأت النجاحات بالوصول لأول مرة إلى نهائي بطولة الأمم الأفريقية FIFA ٢٠٢٢، وحجز تذكرة “تاريخية” ضمن كأس العالم للسيدات FIFA ٢٠٢٣، ولأن ما خطط له يفوق التفوق القاري، سارت لبؤات الأطلس على درب الأسود في المُعترك العالمي، وقدمن عرضًا “مبهرًا” في دور المجموعات، جعلهن يتقدمن إلى الدور الموالي على حساب منتخب عملاق بحجم المنتخب الألماني.

حتى كرة القدم داخل الصالات شهدت طفرة مغربية في السنوات الأخيرة، وتحقيق نجاح يتلوه آخر، في مقدمته فوز أسود الأطلس بلقب كأس القارات FIFA ٢٠٢٢ ووصلهم إلى التصنيف العالمي الثامن في إنجاز غير مسبوق، بالإضافة إلى المشاركة “المُشرفة” في كأس العالم FIFA لكرة الصالات ليتوانيا ٢٠٢١ وبلوغ الدور ربع النهائي.

كيف نجحت المغرب؟

لم يكن وصول كرة القدم المغربية إلى كل ما سبق من نجاحات وليد الصدفة، بل لكي تصل إلى تلك المكانة العالمية على كافة القطاعات، كما حدث مؤخرًا في كرة القدم المغربية، يجب أن تمتلك مشروعًا كرويًا “طموحًا”، يبدأ من الاهتمام بتطوير البنية التحتية المتعلقة بالملاعب والمنشآت الرياضية والمرافق وتحسين الخدمات المقدمة للاعبي المنتخبات الوطنية، وهو ملف تم التعامل معه بعناية من قبل السلطات المغربية، والتي حظت بتنظيم عدة محافل قارية وعالمية في السنوات الأخيرة، يأتي في مقدمتها بطولتي كأس الأمم الأفريقية تحت ٢٣ عامًا وكأس الأمم الأفريقية للسيدات ٢٠٢٢، والنسخة الأخيرة من كأس العالم للأندية FIFA٢٠٢٢.

الاهتمام بالهياكل التنظيمية لن يحقق النجاحات ما لم يكن يقدم خدماته لأفضل المواهب داخل المغرب، لذلك ظهر الحرص على استغلال الموارد البشرية بأكفأ صورة، وهنا جاء دور الأكاديميات المحلية، التي كان دورها تشكيل جيل جديد لكرة القدم المغربية، وتربعت أكاديمية “محمد السادس” على قمة الهرم منذ تأسيسها في عام ٢٠٠٩، وحتى تخريجها لدفعة التميز التي أسعدت الأمة المغربية في قطر، ومجموعة من أبرز اللاعبين في مقدمتهم “يوسف النصيري” و”عز الدين أوناحي” و”نايف أكرد”.

وتزامنًا مع كل ما سبق، عمل الاتحاد المغربي على استغلال ما يُسمى بـ”مواهب المهجر” وما أكثرهم في الدول الأوروبية تحديدًا، لذلك كان هناك تواصل مع العديد من النجوم المغاربة، الذين ولدوا خارج المغرب وتربوا في فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا وغيرها من أماكن حول العالم، وتم ممارسة كل سبل الإقناع لضمهم إلى المنتخبات المغربية الوطنية، وبالفعل نجحت تلك المساعي في جذب عدد كبير من اللاعبين واللاعبات، ولعل آخرهم صاحبة هدف التأهل في شباك المنتخب الكولومبي “أنيسة لحماري”، والتي لعبت للمنتخب الفرنسي في مختلف الفئات العمرية، ومؤخرًا تألقت في كأس العالم للسيدات FIFA تحت الراية المغربية.

 

Related Post