لكل راحلٍ عودة، مُسلمة ثابتة ترافق كل مُبتعد مهما طالت هجرته، يغادر لسبب حَبَكته الأقدار، ينفصل قامعا قلبه وكاتما مشاعره، يبتعد ويعتزل وجمرة التعلق تأبى الخمود، ينفر مكرها على أمل الرجوع يوما بنزعة تجديد الارتباط، هكذا حال من عاند دفاعا عن اختياره قبل أن يعزف ويشكك الغير في انتمائه، متحسسا شجى الابتعاد عما يربطه بالوطن، آملا في فرجٍ يقرِنه بما افتقده، حكيم زياش، الأسد العائد إلى العرين.
كانت منتظرة عودة النجم، حكيم زياش، إلى المنتخب المغربي، مهما عاند وأعلن سابقا استمراره ابتعاده، قدوم كان منتظرا بالنظر لتعلق اللاعب الكبير بالمنتخب الوطني، علاقة أفشاها لسنوات وعارض بها أطماع الأجانب الذين حاولوا إغراءه على الاستغناء وتفضيلهم عما يرتبط به وجدانيا، مكتفيا بمقولته الشهيرة: “لم أختر المغرب لتأخر هولندا في استدعائي، اخترته لأنه اختيار القلب، ولا يوجد شيء سيجعلني أغير رأيي”.
نفور زياش كان واضحا سبَبَه للمغاربة، إذ رغم التزامه الصمت دون الكشف عن أي تفاصيل أو حيثيات، أدرك المتابعون أن الأمر متعلقا بنزاع بينه وبين الناخب الوطني السابق، وحيد خليلوزيتش، الأخير الذي قرر التصعيد واستبعاده عن مباريات كبيرة واستحقاقات هامة، دفعت اللاعب بدوره لإعلان اعتزاله الدولي، مخاطبا المغاربة ومؤكدا لهم حبه الكبير لبلده وتعلقه الشديد بهم وبالوطن الذي حمل قميصه بشغف وافتخار.
استمر غياب زياش وزاد ضغط المغاربة على خليلوزيتش لاستدعاء لاعب تشيلسي، في ظل تردي المستوى وحاجة المجموعة لخدماته، إلى جانب التعاطف الكبير الذي حظي به، دفع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إلى نقل مطلب المناصرين للمدرب، الذي عارض بداية وتمسك بموقفه إلى حين تنازله وموافقته على عودة زياش، بعدما تحسست رقبته حبل الإقالة.
تنازل خليلوزيتش عن مبادئه، وقرر استدعاء زياش، بيد أن الأخير رفض الاستجابة، معتذرا عن عدم تلبيته للدعوة، واضعا البوسني في موقف صعب، خاصة بعدما أجمعت تقارير صحافية على أن زياش رحّب بالعودة إلى المنتخب الوطني، عندما يغادر خليلوزيتش، كونه يرفض العمل معه.
استمر ضغط المغاربة الذي بات كطوفان يحاصر البوسني، إلى جانب سوء المستوى وكثرة الأزمات والنزاعات التي يدوي صداها بين الفينة والأخرى، قبل أن تعلن الجامعة الملكية لكرة القدم، شهر غشت الماضي، إقالة خليلوزيتش من منصبه، لتباين الرؤى حول كيفية تجهيز المنتخب المغربي لكأس العالم قطر 2022.
عينت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في اليوم الأخير من شهر غشت الماضي، وليد الركراكي ناخبا وطنيا خلفا للبوسني خليلوزيتش، بعدها عقد الأخير ندوة صحافية على هامش المعسكر الإعدادي الذي سيتخلله لقاءين وديين مع التشيلي والباراغواي، استعدادا لكأس العالم قطر 2022، وكشف الركراكي عن قائمة المنتخب المغربي التي عرفت حضور زياش، بعد غياب دام أشهر عن المنتخب المغربي.
تحدث الركراكي عن عودة زياش إلى المنتخب الوطني، مؤكدا أنه تواصل بشكل مباشر مع اللاعب، وأبلغه برغبته في العودة إلى الأسود، وبمشروعه والأهداف التي يرغب في تحقيقها، مؤكدا أن لاعب تشيلسي تفاعل بالإيجاب، ورحب بحمل القميص الوطني من جديد، مبديا سعادة كبيرة.
وقال الناخب الوطني عن عودة زياش: “المنتخب المغربي في حاجة إلى لاعبين مثل زياش، إذ إلى جانب إمكانياته والإضافة التي سيقدمها فنيا، فإنني لمست فيه مدى تعلقه بالمغرب، ورغبته في اللعب للمنتخب الوطني، ما وقع قد مر، وهو الآن معي، وأنا أحب اللاعبين من نوعية زياش، الذين يلعبون برغبة، بعدما رفض اللعب في أوروبا، مفضلا الانضمام للمنتخب بلده الأم، دون أي تردد”.