حكيم زياش.. حكاية بارتباط سارٍ وفراق محزن
هي حكاية قصيرة الأمد بفراق مُحزن، فراق يُحتمل أن يكون نهاية مؤسفة لمسار لم يكتب له الامتداد، فراق تلا ارتباط تغلب على ظروف عسيرة حاولت فكه، بدايتها سعيدة، تضحية وإصرار على الاختيار الذي اتخذ بغريزة وإيمان، ثم وصال بين مُحب مطعّمٍ بالانتماء، وفئة بادلته الشعور بسعادة وفخر لموقفه، متابعةً إياه بتفان ومتغنية به أمام الملأ، زياش و المنتخب الوطني، حكاية ارتباط سارٍ خلص بفراق محزن.
حكيم زياش، نجم أظهر في السنوات الماضية مدى تعلقه بالمنتخب المغربي، مبديا فخره بانتمائه في كل مرة واجه فيها مضلليه، صمد أمام الإغراءات وتمسك برغبته الفطرية في اللعب للمنتخب الوطني المغربي، ارتباط لم يدُم، بعدما استسلم لنزاعه مع الناخب الوطني، وحيد خليلوزيتش معلنا اعتزاله دوليا، متأسفا للمغاربة على قراره الذي لم يرغب في اتخاذه دون اكتفاء أو تقديم كل ما لديه خدمة لمنتخب وطنه.
بداية زياش مع المنتخب الوطني المغربي كانت سنة 2015، بعد صراع اشتد بين الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والاتحاد الهولندي للعبة، الأخير الذي حاول الضغط بالإعلام وباقي الوسائل الأخرى للفوز باللاعب الذي كان يعد الأفضل الأفضل في الدوري الهولندي، بيد أن زياش حسم الصراع بتأكيد رغبته في اللعب للمنتخب المغربي.
وحتى عند اختياره للمغرب حاول الهولنديون التأثير عليه ودفعه إلى التراجع عن قراره، بيد أنه أحبط مسعاهم بقوله في تصريح صحافي لأحد المنابر الهولندي: “لم أخطأ في اختياري، لا أحد يخطئ في اختياره أمه”.
تم استدعاء، حكيم زياش في شتنبر من سنة 2015، عندما كان بادو الزاكي، ناخبا وطنيا حينها، وكانت المباراة الأولى له مع المنتخب المغربي في 09 أكتوبر من السنة نفسها، أمام ساحل العاج، والتي انتهت لصالح الأخير بهدف دون رد.
في 27 ماي 2016 تمكن زياش من تسجيل أولى أهدافه مع المنتخب المغربي، وذلك في المباراة التي جمعت المنتخب المغربي بنظيره الكونغولي، والتي انتهت بهدفين من توقيع زياش.
استمر اللاعب في المشاركة والتسجيل مع المنتخب المغربي، إلا أن قرر الناخب الوطني السابق، هيرفي رونار، عدم استدعائه لكأس أمم إفريقيا 2017 بالغابون، جراء خلافات كانت بين زياش والمدرب الفرنسي، بيد أنها سريعا ما انتهت بالصلح، بعدما توجه رونار مع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، إلى أمستردام بغية تقريب وجهات النظر وإنهاء الأزمة، ليعود زياش ويحمل قميص المنتخب المغربي مجددا.
خاض زياش مباريات تصفيات كأس العالم روسيا 2018 وتمكن من التألق وقيادة المنتخب المغربي إلى نهائيات المنافسة التي جرت صيف 2018 بروسيا، وعرفت تألق الأسود أداءً، دون أن ينجح في الصعود إلى الدور القادم من المنافسة، بعد خسارة أمام إيران والبرتغال، وتعادل مع إسبانيا.
شارك زياش في كأس أمم إفريقيا مصر 2019 التي انتهت بخيبة أخرى، تمثلت في الإقصاء من دور الثمن على حساب البنين، ليستمر اللاعب في الظهور مع النخبة الوطنية حتى بعد التعاقد مع البوسني وحيد خليلوزيتش، الذي خلف هيرفي رونار في منصبه.
وبعدما كانت مشاركته دائمة، تفاجأ المغاربة في الـ26 من شهر غشت الماضي، عند إعلان خليلوزيتش، عن قائمة اللاعبين لمباراتي السودان وغينيا، في التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم قطر 2022، بغياب زياش، الذي يعد أحد النجوم اللذين يعول عليهم في المجموعة، غياب اعتقد في ذلك الوقت أن يكون بداعي الإصابة أو الجاهزية، قبل أن يظهر خليلوزيتش ويؤكد أن قراره أتى لأسباب انضباطية.
مباراة تتلو أخرى، والغياب مستمر دون أي توضيح من الطرفين، خليلوزيتش يرفض الإفصاح عما دفعه إلى استبعاد اللاعب، وزياش يتمسك بصمته، مع أمل انتهاء الأزمة سريعا والمشاركة في كأس أمم إفريقيا الكاميرون 2021، بيد أن البوسني لم ينادِ على اللاعب، متمسكا بخياراته رافضا مناقشتها، إلى أن خلصت مشاركة المنتخب المغربي في المنافسة، بالنهاية المعتادة، وهي الإقصاء المخيب للمغاربة.
ظهر خليلوزيتش في الندوة الصحافية الخاصة بإقصاء المنتخب المغربي من “الكان”، وعند سؤاله عن سبب عدم استدعاء زياش، رد المدرب بـ: “لا يمكنني المناداة على لاعب لا يريد اللعب للمنتخب المغربي، أنا لست مثل المدرب السابق، ولا يمكنني السفر إلى لندن لأصالحه”.
تصريح خليلوزتش، كان مثل القطرة التي أفاضت الكأسـ ليخرج زياش بعد أسبوع تقريبا، معلنا اعتزاله اللعب دوليا، ومؤكدا أنه يحترم قرارات المدرب ولا يمكنه الحديث عن أي شيء آخر، كما أبدى تأسفه للمغاربة على قراره الذي اعتبره نهائيا.
على قدر السعادة التي خلفتها بدايتها كانت نهايتها تعيسة، محزنة لمن خيبت آماله، نجم انتُظر منه حمل الأحلام التي هي أهداف مشروعة لم تجد لسنوات منفَذا للتحقق، زياش البطل الذي استولى على قلوب المغاربة قرر الابتعاد، منهيا حكايته مع المنتخب الوطني، حكاية خلصت سريعا، والفراق فيها أتى مبكرا.