كرة الصالات.. منتخب أكرم المغاربة بسعادة استثنائية
المراد أحيانا يأتي من حيت لا يرتقب، هو واقع يداهم الأغلب، ينالون سعادة غير متوقعة بعد خيبات الانتظار، يجدون في الزاوية المحجوبة مسعاهم، بعد نكبات الظاهر المتوالية، هكذا المغاربة المتلهفين لفرح رياضي ينسيهم زمن الانتكاسات، الذين ارتبطوا وافتخروا بمنتخب أسرهم بطلة عظيمة، كافأ صبرهم بانجازات تاريخية، جعلت أحلام العودة لمجد الماضي ممكنا حتى وإن كان بطل حكايتهم مختلفا.
المنتخب المغربي لكرة الصالات، مشروع قبل عقدين مع الناخب الوطني، هشام الدكيك، إلا أن الثمار بدأت تجنى في السنوات الأخيرة الماضية، عندما بدأ يقدم منتخب الصالات نفسه للمغاربة بأنه موجود وقادر على إنعامهم بما تعطشوا له مع المنتخب الأول الذي يبخل عليهم بسعادة يرجونها،
معالم منتخب واعد (أمم إفريقيا 2008)
أولى اللمحات المبشرة لمستقبل المنتخب المغربي الذي هو حاضر زمننا، كان في كأس أمم إفريقيا سنة 2008 التي جرت في ليبيا، ظهر فيها المنتخب المغربي بمجموعة شابة وواعدة، أعطت انطباعا إيجابيا لكل متابع، رغم الإقصاء في الدور نصف نهائي المنافسة على يد منتخب مصر، الخروج لم يعكر صفو الأنصار الذي أشادوا بالمجموعة وأجمعوا على أن القادم سيكون أفضل لمنتخب ينتظره شأن عظيم مستقبلا.
بداية النجاح (أمم إفريقيا وكأس العالم 2016)
كان البروز الأول للمنتخبات المغربي لكرة الصالات سنة 2016، عند إبرازه لنفسه ولإمكانياته، موقعا على مشوار قوي في منافسة أمم إفريقيا حينها، مكللا مشواره بتحقيق اللقب على حساب المنتخب المصري الذي من كبار القوم في اللعبة.
بثلاثة أهداف مقابل اثنين، تغلب المنتخب المغربي على مصر وجنى ثمار عمله وصبره مكافئا نفسه بلقب قاري يثبّت خطاه ويرفع من طموحه.
ورغم تحقيق اللقب القاري، لم يتمكن المنتخب المغربي من البصم على مشاركة جيدة في كأس العالم سنة 2016، بعد تمكنه من التأهل لـ”المونديال”، إذ غادر من دور المجموعات دون أن يتمكن من الحصول على أي نقطة في مجموعة ضمت كل من إسبانيا، إذريبيجان وإيران.
الهيمنة قاريا والتميز على المنافسين (أمم إفريقيا 2020)
المنتخب المغربي بات في مستوى آخر مقارنة بجل المنافسين، بات المنتخب المغرب المرشح على الورق لتحقيق لقب أمم إفريقيا 2020، إذ رغم إقامته في مدينة العيون المغربية، كانت لمجموعة الدكيك الأفضلية، بالنظر لأداء المنتخب ونتائجه التي تفرض على جميع المتابعين ترشيح لنيل لقب البطولة للمرة الثانية على التوالي.
حاز المغرب على اللقب عقب انتصاره على مصر بخمسة أهداف دون رد، في النهائي، مؤكدا أنه الأفضل في القارة السمراء، بمستواه الذي يضاهي بعض المنتخبات العالمية.
إضافة إلى تحقيق اللقب القاري، حسن المنتخب الوطني المغربي مركزه في الترتيب العالمي وبات ضمن الأقوى في العالم، جاعلا منتخبات القارات الأخرى ترغب في إقامة مباريات ودية معه، بغية الاحتكاك والاستعداد لكأس العالم 2021 المقام بليتوانيا.
كأس العرب.. لقب جديد لتأكيد التفوق وكسب الثقة
شارك المنتخب المغربي في كأس العرب لكرة الصالات الذي أقيم في مصر سنة 2021،ونجح في تحقيق اللقب بالعلامة الكاملة، انتصر على جميع الخصوم، أداء ونتيجة، وتمكن من بلوغ الدور النهائي أمام منافسه المباشر في إفريقيا، المنتخب المصري، إلا أن الأسود أكدوا مجددا تفوق بانتصار ثالث في نهائي هو الثالث على نفس الخصم.
البطولة العربية كانت منافسة ذات فائدة للمنتخب المغربي، بهدف الإعداد لكأس العالم ليتوانيا كونه فرصة لمواجهة أقوى المنتخبات العربية، ولقب حافز معني ودافع لدخول المونديال بثقة كبيرة.
كأس العالم.. مشاركة تاريخية
هي المرة الأولى التي يشارك فيها المنتخب المغربي محملا بانتظارات المناصرين، وذلك لنضج المجموعة وتشبعها بالتجارب التي تصقل موهبة وإمكانيات اللاعبين، إضافة لحنكة المدرب، هشام الدكيك.
الطموح كان كبيرا على غير المشاركات الماضية، رغم صعوبة المجموعة تضم بطولة أوروبا، البرتغال، بطل آسيا، تايلاند، ومنتخب جزر سليمان.
انتصر المنتخب المغربي بأريحية على جزر سليمان، ووقع في فخ التعادل مع تايلاند، بعدما كان متقدما بهدف دون رد، قبل أن يفرض التعادل بثلاثة أهداف لكل مرمى، على منتخب البرتغال، الذي يعد من حيتان اللعبة حول العالم، تعادل مكن رفاق أنس العيان من إنهاء مرحلة المجموعات في المركز الثاني، وبالتالي العبور إلى الدور الـ16 من كأس العالم، في إنجاز غير مسبوق بالنسبة للمشاركات المغربية في المنافسة.
اعترف المنتخب البرتغالي عبر قائده ونجمه ريكاردينيو، بقوة المنتخب المغربي، وانتبه الجميع لممثل إفريقيا الذي ظل وحيدا بعد إقصاء كل من مصر وأنغولا.
خاض المنتخب المغربي مباراة الدور الـ16 مواجها فنزويلا، كان المبادر والأفضل أداء، هاجم بشراسة ودافع ببسالة، صمد ونال ما جزاء كفاح، وتمكن من الانتصار بثلاثة أهداف مقابل اثنين، في انجاز تاريخي، جعل المدرب، هشام الدكيك، الذي كان الأقل تفاعلا في الانتصارات الماضية، يبكي فرحا مبديا سعادته لبلوغ المنتخب الوطني، دور ربع نهائي المنافسة.
البهجة التي غابت بعد سنوات النكبة، نالها الأنصار من المنتخب الذي لم يرتقب منه أن يكون بطل الجيل الحالي، جيل لم يعاين شيئا من المنتخب الأكثر شعبية، جيل سئم حكايات الزمن الجميل الذي لم يعاصره، حكايات تُردد عليه ويستقبلها بحسرة، هذا الجيل نال أخيرا نصيبه من السعادة، عاين منتخبا يمثل وطنه ويشرفه أمام العالم، منتخب خماسي يمارس في ملعب بقاعة مغطاة، كسب ثقتهم وأعاد لهم الشغف.