يوسف العربي.. الهداف “العنيد” الذي أبى الأفول
العزيمة هي تلك الشعلة التي تنير دربك الحالك في الحياة، تقودك لتشق طريقك مهما كانت الظروف والموانع، هي سبيل كل من وهب نفسه لما يحبه، من أبى السقوط وتمسك بشغف مواصلة ما أفنى له نفسه، التاريخ يحتفظ بنماذج وقفت ندا لسيرورة الحياة وحكم القدر، عاندوا وثابروا ليواصلوا ارتباطهم بما يعشقون فعله، وعلى قلتهم باتوا نماذج يحتذى بها، يوسف العربي النجم الذي من نوعيتهم، هو هداف بفطرته تألق وسطع في بداياته ورفض الأفول والاكتفاء بما مضى.
رأى يوسف العربي النور في الثالث من فبراير 1987، في مدينة كون الفرنسية، وهو ينحدر من مدينة ورزازات، انطلقت مسيرته في كرة القدم مع نادي كان سنة 2008، في أول عقد احترافي يوقعه بعدما نشأ في أكاديمية الفريق إلى أن بات جاهزا للانضمام إلى الفريق الأول، دافع عن ألوان كان لثلاثة مواسم مسجلا 30 هدفا في 78 مباراة.
قرر العربي سنة 2011 خوض تجربة قصيرة في الدوري السعودي، بانضمام إلى فريق الهلال، لعب معه 32 مباراة خلال موسم واحد وسجل 16 هدفا، ليلفت انتباه نادي غرناطة الإسباني الذي نجح في التعاقد معه سنة 2012، مقابل 5 ملايين يورو وبعقد يمتد لأربعة مواسم.
مع الفريق الأندلسي كان ربيع مسيرة يوسف العربي في كرة القدم، قاد هجوم الفريق وكان نجمهم الأول كما دخل تاريخهم من أوسع الأبواب، إذ يعد الهداف التاريخي لنادي غرناطة في الدوري الإسباني بـ44 هدفا سجلهم اللاعب في “لاليغا” خلال مواسمه الأربع مع الفريق، الأخير الذي كان يغادر قسم الأضواء لولا تألق العربي تسجيله للأهداف التي مددت حياة النادي في قسم الأضواء.
بعد تألقه الكبير وكل الأرقام التي حققها مع غرناطة توقع أكثر المتشائمين أن يستمر العربي في أوروبا ولما لا الانضمام لفريق أكبر وأكثر منافسة على الألقاب، إلا أن الصدمة كانت باختياره الانتقال لنادي لخويا القطري سنة 2016، قبل صدور قرار دمجه مع نادي الجيش ليصبح نادي الدحيل.
تألق العربي مع الدحيل وواصل هز الشباك بنهم كبير، مبرزا إمكانيات ومدى حسه التهديفي العالي، إذ سجل 106 هدفا في 94 مباراة مع النادي القطري، إضافة إلى تحقيق لعدد من الألقاب المحلية، ناصبا نفسه نجم الفريق قبل أن يقرر إنهاء مشواره مع الفريق والبحث عن تجربة أوروبية جديدة بعدما انتابه الحنين لأضواء القارة العجوز.
صيف سنة 2019، قرر العربي العودة لمسرح نجوم كرة القدم، ودخول غمار تجربة جديدة لم يسبق أن خاضها، بانتقاله إلى نادي أولمبياكوس اليوناني وهو في الـ32 سنة من عمره، لم ينتظر كثيرا حتى بدأ يكسب ثقة مدربه الذي قرر الاعتماد عليه، ليبدأ اللاعب في كتابة مسار جديد له في بلاد أم الألعاب، مباراة بعد أخرى يزور اللاعب شباك الخصوم كما تمكن من التسجيل في مرمى بايرن ميونخ في دوري أبطال أوروبا، ليصل لحد الآن إلى هدف الـ19 في 27 مباراة، في رقم كبير يؤكد مدى تألق اللاعب الذي يؤكد أنه ما زال في جعبته أكثر من المتوقع.
حكاية العربي مع المنتخب الوطني لم تصل لنهايتها بعد، لم يرض بما قدمه مع الأسود، فدائما ما أكد أن حلمه كان ولا زال اللعب للمنتخب المغربي وتسجيل العديد من الأهداف وقيادته نحو الألقاب.
بداياته مع المنتخب الوطني كانت في مباراة ودية أمام منتخب السنغال في الـ10 من غشت 2011، وسجل خلالها هدفه الدولي الأول، ليواصل المشاركة مع الأسود إلى سنة 2016 مسجلا في الخمس سنوات 14 هدفا من 42 مباراة خاضها اللاعب.
انتقاله إلى ألومبياكوس وتألقه مع الفريق اليوناني، وضع اللاعب أمام مرأى الناخب الوطني وحيد خليلوزيتش الذي سيواصل استدعاءه، وهداف غرناطة التاريخي سيكون أمام إمكانية تحقيق رغبته في التألق مع منتخب بلاده، لسان حاله يقول أن الفرصة أتت وحان الوقت لأستأنف ما ابتعدت عنه سابقا وأثبت للجميع أن في جعبتي الكثير لأقدمه.
عندما تتحالف الرغبة والعزيمة بالموهبة والاجتهاد، تسقط أحكام الأقدار، أو ترضخ لإلحاح الساعي إلى العودة لما فاته ومواصلة التألق، رافضا السقوط والهوان إلى أن يكتفي ويقتنع بأنه بلغ الخلاص، يؤمنون بأن السن رقم، والظروف تحديات، هكذا العربي الذي عاد ليثبت أن غريزته التهديفية حية وبارزة أينما وطأت قدماه.