لا لإعادة أسطوانة 2005…الزابيري ومعما يستحقان فرصة يا الركراكي

قبل أيام كتبتُ مقالًا للرأي تحدثتُ فيه عن إنجاز منتخب الشباب بعد فوزه على فرنسا وبلوغه النهائي العالمي، في سابقة تاريخية للكرة المغربية.
واليوم، وفي الثالثة إلا ربعًا صباحًا، أعود والنعاس يهرب مني بعد ساعتين تاريخيتين شاهدنا فيهما رفع منتخب مغربي للقب عالمي.
تحول الحلم إلى حقيقة بأقدام مغربية وبقيادة مدرب مغربي. لقد استحق هذا الجيل، وبامتياز، أن يُوصف بأنه “صُنع في المغرب”. فهزم البرازيل وفرنسا وإسبانيا والأرجنتين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة ليس أمرًا سهلاً، وتحقيقه تطلّب عملاً شاقًا ودؤوبًا وجديةً ودقةً تشبه صناعة الطائرات.
قبل أن يلعب المغرب النهائي، تحدثتُ مع الصحيفة الفرنسية الشهيرة لوباريزيان، وأكدت لهم أن كرة القدم في المغرب لم تعد وسيلة ترفيه، بل أصبحت صناعة مربحة.
بلوغ نصف نهائي كأس العالم بقطر ثم التتويج في الشيلي جعل من المغرب “ترندًا” عالميًا، إذ بات العالم كله يبحث عن موقعنا على خريطة كرة القدم.
هذا الإنجاز لم يأتِ صدفة، بل هو ثمرة سنوات من العمل بدأت بتبني النظام الأكاديمي، مرورًا بتعيين المنقّبين، وصولًا إلى توظيف الرجل المناسب في المكان المناسب إداريًا.
وهذا العمل الجاد سيبلغ ذروته في يناير القادم، إذا أحسنّا تنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا التي ستُقام على أرضنا بعد قرابة نصف قرن من دون رفع اللقب القاري.
نملك كل مقومات التتويج الإفريقي وإضافة لقب جديد إلى متحف الكرة المغربية الحديث التأسيس: أفضل اللاعبين، وأحسن مدرب، وأميز طاقم طبي، وأعظم جمهور في العالم.
الركراكي اليوم يتوفر على كل شيء للفوز، بل ارتفعت معه أسهم التوقعات في قدرتنا على تحقيق كأس العالم، خصوصًا بعد الاكتشاف الكبير في مونديال أقل من 20 سنة.
فعثمان معما توّج بجائزة أفضل لاعب في البطولة، وياسر الزابيري نال لقب الهداف، ومن الطبيعي أن يحصل الاثنان على فرصة الانضمام إلى المنتخب الأول.
في سنة 2005، بلغنا نصف نهائي مونديال الشباب، وكتبتُ قبل أيام أنني لا أستطيع أن أعيش السيناريو ذاته مجددًا.
لماذا؟
لأن جيل 2005، رغم تألقه الكبير، لم يُمنح فرصة تمثيل المنتخب الوطني. لا الحارس المتألق بورقادي، ولا المدافع الشرس يوسف رابح، ولا الهداف محسن ياجور، وغيرهم كثير ممن يصعب حصرهم حتى اليوم.
تعود بي الذاكرة إلى ذلك الجيل وأنا أرى جيل 2025، بعد عشرين عامًا من آخر إنجاز شبابي عالمي، وآمل ألا يتكرر سيناريو الإقصاء في حق أسماء أبهرت العالم، وعطّلت ماكينات كروية عريقة كبرازيل وإسبانيا وفرنسا.
نعم، في منتخب الشباب يوجد ما لا يوجد في منتخب الكبار. فقط يجب منحهم الفرصة، لا أن تُمنح لآخرين عاطلين عن التباري.
من حق الهداف الهادئ ياسر الزابيري أن يكون ضمن الكبار، ومن حق أفضل لاعب في البطولة عثمان معما أن يرتدي قميص المنتخب الأول. فالفيفا لم تمنحهما الجوائز عبثًا، بل عن جدارة واستحقاق.
أنتظر بفارغ الصبر التوقف الدولي لشهر نونبر، وأحلم أن تضم قائمة وليد الركراكي في المباراتين الوديتين اسمي معما والزابيري.
ليس من باب المبالغة أو الترويج، ولكن لأن ما قدّمه الاثنان يشفع لهما أن يكونا على الأقل ضمن قائمة البدلاء في كأس أمم إفريقيا.
قد يبدو سقف أحلامي مرتفعًا، لكن متابعتي الدقيقة لكرة القدم المغربية تجعلني أؤمن أننا بحاجة إلى أسماء حركت المياه الراكدة وأعادت الروح للميدان.
لن يكون مقبولًا في نونبر أن يكرر الركراكي ما قاله في أكتوبر:
“لسنا هنا لإجراء الاختبارات قبل شهر من الكان.”
ولا أن يقول مجددًا:
“هناك فرق بين اللعب في كأس العالم للشباب وكأس أمم إفريقيا، خاصة أننا سنلعب على أرضنا.”
لا، سيدي الركراكي… الزابيري ومعما وباعوف وجسيم، أو على الأقل الأولان، يستحقون مكانًا في المنتخب الأول.
فما الفرق بيننا وبين إسبانيا أو البرازيل أو المنتخبات الكبرى التي تمنح شبابها الثقة والفرصة؟.
لن يقبل أن يحرم المنتخب الأول من هداف يسجل بالرأس بالقدمين اليمنى واليسرى بل بارع حتى في تنفيذ الركلات الثابتة الحرة المباشرة، ولو احتجت لركلة حاسمة، سددها بالبانينكا.
مهاجم ولا في الأحلام، جاره الجنب، معما، المهاجم والمدافع والمراوغ والممرر الحاسم، يوزع البارود، كما لو كان جنديا من جنود سربة والده ملك تبوريدة.
وقبل أن أختم يجب أن أذكر الركراكي بأرقام سوفاسكور، هذا التطبيق العالمي المختص في الأرقام والإحصائيات، بتأكيده أن المدافع اسماعيل باعوف هو اللاعب الوحيد دفاعيا، الذي لم ينجح أي لاعب من منتخبات البرازيل وإسبانيا والمكسيك وكوريا الجنوبية وأمريكا وفرنسا والأرجنتين من مراوغته..
أرقام صعبة صحيح….
على أيٍّ، ديما مغرب… لنفرح الآن، وننتظر شهر نونبر، فغدًا لناظره قريب










