وليد الركراكي.. مدرب قاده الطموح مع الوداد إلى القمة
التفوق حليف من آمن بتمكنه، وصمد في سبيل بلوغ ما اعتقد مستحيلا لدى البعض، ليس للطموح حدود أمام كل مجتهد عازم على نيل ما يعتبره حقا يكافئ جهده وصبره، استمر خلف نهمه إلى حين بلوغ نجاح استثنائي يُطمعه في مجد شخصي يبرزه عن البقية، مجدٌ يلمحه ويتحسسه وليد الركراكي مع نادي الوداد الرياضي، راجيا الأقدار أن تنهي مساره مع الفريق بحكاية استثنائية خالدة.
الركراكي الذي قاد الوداد للقمة الوطنية والقارية، محققا معه أفضل النتائج التي مكنته من الظفر بلقبي الأبطال والبطولة، مع بلوغ نصف نهائي كأس العرش واستمرار المنافسة، نال استحسان الأنصار وفاز بتقديرهم، كونه البطل الذي قاد النادي لتحقيق ما اعتقد صعب المنال، جاعلا إياهم يتحسرون على رحيله المنتظر رغم عدم حلول الأوان بعد.
كانت مدينة كورباي إيسون بفرنسا، مسقط رأس وليد الركراكي، في الـ23 م من شتنبر 1975، مارس كرة القدم كلاعب ونشط في مركز الدفاع، خاض تجارب عدة مع أندية أغلبها أجنبية، إذ كانت بداياته كلاعب محترف سنة 1998 مع نادي راسينغ باريس، ثم تولوز وأجاكسيو ورسينغ سانتادر الإسباني، ثم ديجون وغرونويل، إلى جانب تجربته مع المغرب التطواني موسم 2009- 2010.
عرج الركراكي إلى مجال التدريب بتحصله على الشهادة المعتمدة، وانتقل سنة 2014، لنادي الفتح الرياضي الذي يعد محطته الأولى في منصبه الحديث والأطول.
على مدار 6 سنوات، نجح الركراكي في تشكيل مجموعة استطاع من خلالها تحقيق لقب كأس العرش سنة 2014، ثم لقب البطولة الوطنية 2016، والذي يعد تاريخيا لفريق العاصمة المغربية، إلى جانب بلوغ ربع نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية سنة 2017.
اتسمت نتائج الفتح الرياضي في السنتين الأخيرتين مع الركراكي بالتواضع وعدم الاستقرار، ما جعله يقرر تغيير المغامرة، موافقا على عرض الانضمام لفريق الدحيل القطري سنة 2020، محققا معه لقب الدوري في ذات السنة، ليغادر سريعا ويعود إلى المغرب من بوابة الوداد الرياضي صيف 2021.
التحق الركراكي بالوداد وشكل مجموعته التي صمد بها أمام ضعف الاختيارات وغياب التعاقدات في الميركاتو الشتوي، مستمرا في تحقيق الانتصارات ومبديا رزانته بعدم تحقيق الوداد لأي شيء يستحق الاحتفال والإشادة، متمسكا بغايته المتمثلة في تحقيق الألقاب وخاصة أبطال إفريقيا، مؤكدا مرارا أنه هدفه الأول والأسمى.
شكل الركراكي لُحمة مع اللاعبين وكان بمثابة الأخ الأكبر لهم قبل أن يكون مدربهم، ما انعكس بالإيجاب على المجموعة التي تُظهر شراسة وفدائية كبيرة في المباريات ذات الظروف الصعبة التي يكون الانتصار فيها بعيد المنال، لتستمر المجموعة في اجتياز المباراة تلو الأخرى إلى حين بلوغ نهائي أبطال إفريقيا والتغلب على بطل النسخة الماضية، الأهلي المصري بهدفين دون رد، في ليلة تاريخية من الخالدات لدى الوداديين.
حافظ الركراكي على نهمه عائدا إلى البطولة الوطنية، رافضا التنازل عن الدرع لصالح الرجاء الرياضي، الذي كان خصما عنيدا وشكل ضغطا على المتصدر عند انتصاره في ديربي الجولة الـ25 من الدوري.
نجح الوداد في حسم درع البطولة الوطنية لصالح قبل مباراة واحدة من نهاية الموسم الحالي، ممكنا الفريق من لقبه الـ22 في تاريخه، كإنجاز ثانٍ يعزز مشوار الركراكي الذي بات حديث الساحة الوطنية.
بتشجيع الأنصار ودعمهم الكبير، لم يكتف الركراكي الذي أكد أنه سيقود الوداد في كأس العرش ما إن تمت برمجة المباريات في شهر يوليوز من سنة 2022، ليخوض مباراة الديربي التي نجح في الانتصار بها بهدفين دون رد، متأهلا لنصف نهائي المنافسة التي يرى لقبها هدفا تاريخيا له من أجل تحقيق المجد الذي لم يسبقه له أحد، وذلك بنيل الثلاثية المتمثلة في لقب البطولة، أبطال إفريقيا وكأس العرش، الأخيرة التي عاندت الوداد وغابت عن خزائنه منذ سنة 2001.
فرصة هي حصل عليها الركراكي وتوفق في استغلالها، تقدم في مساره الذي دعمه بأرقام وانجازات مع الوداد، فرصة رجاها سابقا ونالها، من مدرب واعد وبارز، إلى الأفضل والأنجح، وَفَى الأنصار وفرض عليهم احترامه، احترام قراراته حتى وان كانت نقيض رغباتهم، حتى وان كان الانفصال في عز النجاح الذي بلغوه معه، سموٌ نال حيزه في تاريخ النادي، كمدرب طموح لاحق أحلامه وبلغها بملامسته لجوهر الكيان، جوهر العائلة التي مهما ابتعد عنها سيبقى فردا منها.