سفيان رحيمي.. نسرٌ يُفرد جناحيه بتألقٍ مُبهِر
الإشادات الموحدة تبقى المعيار الأقوى لتحديد مدى النجاح المحقق، التفوق والبزوغ بعد طول اجتهاد ومثابرة، حكايات تهواها النفوس وتُسرد بشغفٍ وتقديرٍ لعزيمة صاحبها، بطلُها الذي انطلق من السفح بأهدافٍ تكبر مع سطوع نجوميته، بعد كل تألق سحر به العامة، طارقا أبواب العالمية بقبضة مدوياً حسها الذي يواصل الامتداد.
سفيان رحيمي الذي رأى النور في الثاني من يونيو سنة 1996 بالبيضاء، نشأ وترعرع في المدينة أو بالأحرى في معقل الرجاء الرياضي، مركب الوازيس، يشتد عوده مع ازدياد تشبعه بحب الفريق، متعلقا به وجدانيا بفطرة اكتسبها من محيطها وخاصة من والده محمد رحيمي الملقب بـ”يوعري” الذي يعد أحد أعلام الرجاء الذي عاصر رؤساء ونجوم تعاقبوا على النادي عقب العقود الماضية.
بلوغ رحيمي للفريق الأول لم يكن هينا كما يتصور جل من علموا بأن سفيان هو ابن “يوعري”، وَلَجَ اللاعب لمدرسة الفريق وانضم للفئة السنية الصغرى بالفريق وواصل التدرج إلى أن بلغ فئة الشبان تم صعد بعدها إلى الأمل، ليمر اللاعب من فترة فراغ كبيرة دفعت المكتب المسير للرجاء لمطالبته بالبحث عن فريق جديد بعدما منحت له فرصة من قبل المدرب رشيد طاوسي الذي استدعاه لإحدى المباريات دون أن يشركه.
انتقل رحيمي سنة 2017 لفريق نجم الشباب، دون أن يتمكن من إثبات إمكانياته مع الفريق، بعدما تم الاعتماد عليها في مركز خط الوسط الميدان، قبل أن يظهر اللاعب مدى علو كعبه بعدما تقرر اعتماده في الخط الأمامي ويتمكن من تسجيل 15 هدفا في 28 مباراة له في موسم 2017-2018، لينتبه له الرجاء مجددا ويتم عرضه على المدرب خوان كارلوس غاريدو، الأخير الذي طالب المكتب المسير للفريق بتعجيل التعاقد معه.
أظهر رحيمي نفسه لجماهير الرجاء في المواعيد الكبيرة، تألق تدريجيا مع الفريق واستمر تطوره مع تقديمه لمستويات كبيرة في بعض المواجهات وتسجيله لأهداف كانت حاسمة وأبرزها ذهاب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية أمام فيتا كلوب والذي سجل فيه اللاعب ثنائية ساهمت في تحقيق الفريق للقب.
استمر تألق رحيمي وبات نجم الفريق الأول منذ النصف الثاني من الموسم المنصرم، مساهما في بلوغ الرجاء لدور نصف نهائي أبطال إفريقيا، إلى جانب تحقيق البطولة الوطنية التي غابت لسنوات عن خزينة الفريق الأخضر، ليحقق اللاعب حينها جائزة الأفضل في البطولة الوطنية.
لم يتوقف طموح رحيمي، وزاد توهجه في الموسم الحالي، متمكنا من التوقيع على انطلاقة استثنائية له، بتسجيل خمسة أهداف من خمس مباريات في البطولة الوطنية مع الرجاء، إلى جانب أدائه الذي ثبت لمتاعبي كرة القدم المغربي، أن حصول رحيمي على لقب الأفضل في الدوري لم يكن محض صدفة.
أغرى تألق رحيمي مع الرجاء الرياضي، الناخب الوطني وحيد خليلوزيتش الذي استدعاه لأول مرة، لمعسكر المنتخب الوطني المغربي الأول، الخاص بمباراتي إفريقيا الوسطى، في التصفيات المؤهلة لنهائيات أمم إفريقيا.
رغم عدم مشاركته في أي دقيقة من المباراتين، أعرب رحيمي عن سعادته الكبيرة استدعائه من قبل خليلوزيتش، مؤكدا أنه سيواصل التطور والتألق لينال ثقة البوسني مجددا ويثبت أحقيته في الاستفادة من دقائق لعب مع “الأسود”.
لم يخمد لهيب رحيمي واستمر في عطائه الغزير، ليتم استدعاؤه لقائمة المنتخب المغربي للاعبين المحليين المشاركة في كأس أمم إفريقيا “شان” الكاميرون، في المنافسة وأمام أنظار الأفارقة والعالم، أفرد رحيمي جناحي محلقا بأدائه الاستثنائي في النسخة وأرقامه التي تجعله اللاعب الأفضل.
مباراة تلو أخرى، بأهدافه ومستواه المثالي، يقود رحيمي المنتخب المغربي للمحليين لانتصارات مجازيا جهود زملائه بأهدافه الحاسمة، التي جعلته هداف النسخة الحالية من المنافسة، بخمسة أهداف قبل الدور النهائي، بعد هدفيه في المربع الذهبي أمام الكاميرون، إلى جانب تحقيقه للقب الأفضل في ثلاث مباريات.
سفيان رحيمي يدوِّن حكاية استثنائية، فريدة بتفاصيلها الخاصة وأحداثها التي ترسِّخ مدى قدرة المرء على النهوض من أدنى نقطة، الكفاح والاستمرار في المحاولة بأمل لا يضمحل، حكاية قابلة لترسيخ فصول مجدٍ يُغنَى بأحلام تُجسَّد، أحلام شاب قاده الطموح لكسر قيود الاكتفاء، طالقا العنان لموهبته مفردا جناحي الإيمان والمثابرة لبلوغ القمم الشاهقة.