خسارة نجوم لصالح المنافسين.. الإقصاء من الأبطال مرآة الحقيقة للوداد والرجاء
عند السقوط، يُستوجب الجلوس مع الذات، لتقليب الأحداث والبحث عن الأسباب التي عدمت الطموح وقضت على الأحلام، تَفَرُدٌ قصد تجنب هفوات الماضي وتجديد الرغبة في تحقيق ما عُجز عنه، توقفٌ اضطراري لتعديل الأوتار والوقوف عند ناصية الأمل والقتال إلى غاية تحقيق المبتغى المنشود.
القمة دائما يصعب بلوغها ولكن الأصعب هو الاستقرار فيها، هذا تحدي الأندية الكبيرة الساعية لبلوغ سقف طموحاتها، الفوز بالنسبة لها ليس المراد، ولكن الهيمنة و الاستمرار في تحقيق النجاحات هو الغاية، ووسيلتها تبقى التطور الدائم والحفاظ على تميزها ونهمها الأناني.
قطبا الكرة الوطنية، الوداد والرجاء سقطا أمام منافسيهما الزمالك والأهلي، الفريقان اللذان أقدما على تدعيم كتبتهما بأسماء وازنة سواء محلية أو أجنبية، وخاصة من الأندية القارية المنافسة على الألقاب، الهدف هو تقوية الفريق مقابل إضعاف المنافس، وهو ما حدث مع الفريقين عند ظهور أي لاعب بارز، بتعاقدهما مع نجوم من المنطقة ومن بينهم أشرف بنشرقي، محمد أوناجم، حميد أحداد وآخرهم بدر بانون.
الفرق المنافسة والساعية للتربع على القمة تبحث دائما على الاستقرار، الإبقاء على قواها والتمسك بهويتها، إضافة إلى تطعيم الكتيبة والبحث دائما عن قادمين مؤهلين لتعويض المستنفَذين، هي معادلة تعني الاستمرارية لكل فريق أراد الهيمنة، ومواصل تحقيق الألقاب وإسعاد الأنصار، بيد أن الموسم المنصرم أظهر الفرق المهول بين ممثلي الكرة الوطنية في أبطال إفريقيا، ونظيريهما المصريين، الأخيران اللذان تعاقدا مع أسماء قوية خلال السنتين المنصرمتين، وصمدا أمام الأطماع الخارجية المتربصة بنجومهما.
الوداد الرياضي
كانت 2017 السنة التي بلغ فيها الوداد للقمة، كان في نسخته الأقوى ونجح في إخضاع إفريقيا، امتلك كتيبة متكاملة بقيادة المخضرم الحسين عموتة، حينها لفت الوداد انتباه المنافسين، وارتفعت أسهم لاعبيه ليبدأ في نزيف نجومه منذ شتاء 2018، خسر لاعبه الأبرز حينها، أشرف بنشرقي، لصالح الهلال السعودي قبل أن ينتقل إلي الزمالك المصري، أسماء غادرت وأخرى تراجع مستواها، مقابل انتدابات لا تسمن ولا تغني الفريق الذي خسر نجوما وتعاقد مع لاعبين جلهم كانوا أصغر من قيمة ومسؤولية حمل القميص الأحمر.
واصل الوداد المنافسة بتخبط وبفكر متزمت، إلى أن واجه حقيقته عند ملاقاته لنادي الأهلي المصري في إياب نصف نهائي الأبطال، حينها اتضحت الفوارق وتأكد القناعات، قانعة فحواها أن الفريق غير قادر على المجاراة، الوداد خارت قواه، عكس ما ظن مسؤوليه قبل السقوط.
بنشرقي وأوناجم، الاسمان اللذان افتخر بهما الوداد وأترعا أفواه الأنصار، النجمان اللذان شكلا هجوم الفريق مع إسماعيل الحداد، باتا ملكا للزمالك، المنافس على اللقب، جماهيره تتغنى بهما وتشكر الوداد عليهما.
الرجاء الرياضي
امتلك الرجاء تشكيلة أساسية مثالية، تمتاز بالتنوعية بين الخبرة والشباب، نجوم قادرين على مقارعة أعتد الأندية، بيد أن الإشكال كان في دكة البدلاء المفتقرة لعدد كاف من اللاعبين القادرين على تعويض الأساسيين دون تراجع مستوى الفريق، الإشكال برز بدرجة أقل في البطولة الوطنية التي نجح في تحقيقها خلال الأنفاس الأخيرة من الجولة الختامية، بيد أن فيروس “كورونا” كان اليد التي أزاحت الستار عن واقع الفريق.
الفيروس اللعين تفشى بين اللاعبين، وأدخل الفريق في حالة طوارئ حتم على الاتحاد الافريقي لكرة القدم تأجيل المباراة التي أقيمت بعد شفاء جل الأسماء البارزة، الفريق خاض المباراة بحصص تدريبية أقل أسفرت عن استنزاف اللاعبين لمخزونهم البدني في الشوط الثاني من اللقاء، بعدما كان الفريق مسيطرا في الشوط الأول.
تراجع اللاعبين بدنيا وافتقار دكة البدلاء لأسماء قادرة على تقديم نفس مستوى الأساسيين كلف الرجاء خسارة لقاء الزمالك، بعدما كان متقدما بهدف دون رد، ومع حاجته للاعبين جدد، خسر الرجاء خدمات قائده الثاني ومدافعه الأبرز في البطولة الوطنية، بدر بانون، الذي سينضم للفريق المنافس والراغب في تدعيم كتيبته وخاصة خطه الخلفي، بلاعب بات متشبعا بالخبرة وهو في ذروة عطائه.
الرجاء خسر مدافعه لفريق سينافس الموسم القادم على اللقب، ابنه الذي يُحتمل أن يقف أمامه إن تواجه الفريقان الموسم القادم، بخسارته لبانون وحاجته للاعبين مميزين، بات الفريق مطالبا بانتدابات وازنة ومفيدة له، وتجنب الوقوع في هفوة جاره الذي خسر نجومه وعوضها بحزمة أسماء لا تصل لأدنى انتظار.
الرجاء والوداد ليسا مجرد فريقين يتطلعان للمنافسة، هما كيانان عريقان بلغا المجد مرارا، تاريخهما لا يُمكنها من المنافسة بقدر ما يفرض عليهما تحقيق الألقاب وإعلاء علم البلاد، هما جزءٌ من تاريخ الكرة الوطنية والإفريقية، قناعة وجب أن ترسخ لديهما عند كل خطوة وعند كل مطب.