احترام الخصوم وعدم التطبيل.. قناعة مشتركة بين خليلوزيتش والمغاربة في “كان” الكاميرون
في الإخفاق دروسا قيمة تُكتسب بعد كل انكسار يوجع الفؤاد، نهوض ثم سقوط مخيب، يشتد العود وتتصلب العزيمة عقب إدراك الأخطاء المرتكبة، في الخسارة مكسب، يناله المتعقلين أصحاب الرغبة في التطور، واجتناب المساوئ التي قادت المحاولات إلى الفشل.
سواء البعيد أو القريب، تاريخ مشاركات المنتخب في أمم إفريقيا تبقى مخيبة، باستثناء نسخ معدودة على رؤوس الأصابع، يوحدها انخفاض سقف التوقعات، والاقتناع بقوة المنافسة وصعوبة تحقيق المجموعة لنتيجة إيجابية، وخير مثال نسخة 2004، الموعد الأخير للمغاربة مع مشاركة رفعت الرؤوس فخرا وأشعرتهم بوجود مجموعة تشرفهم، مجموعة قبل انطلاق “الكان” لم تعقد عليها أي آمال، بيد أن العكس ما حدث وتم البلوغ للدور النهائي، والذي كان آخر بصمة جيدة تركها المنتخب في القارة السمراء، قبل دخول السنوات العجاف.
قناعة المغاربة
اقتنع المغاربة في النسخة الحالية وخاصة بعد إقصاء المنتخب الوطني المحلي في كاس العرب، بأن الدعم والمساندة ليس بالتطبيل واستصغار الخصوم بعد كل انتصار محقق، إذ سابقا، كان يكفي الفوز في مباراة واحدة أو إنهاء دور المجموعات بالعلامة الكاملة لوضع المنتخب المغربي في قائمة المرشحين للظفر باللقب، هذا المعطى اتضح جليا للمناصرين الذين تصدوا لجميع المغنيين والمؤثرين في الوسائط الاجتماعية، رافضين إصدار أي عمل في الوقت الراهن لدعم المنتخب المغربي بعد التجارب الماضية التي سئموها وكان نهاياتها جميعا مخيبة.
وأظهر المغاربة احتراما لجميع الخصوم في النسخة الحالية من أمم إفريقيا، مقتنعين بأن كرة القدم تلعب على الميدان وليس على الورق وبالإحصائيات، وأن عوامل عديدة تقود منتخبا للفوز على آخر ولا تحتكم للأرقام والأفراد، وفي التاريخ عبر عديدة تؤكد المعطى، بعد أجيال ضمت أسماء وازنة دون أن تترك أي ماضٍ يسعد عند استحضاره.
منطق وحيد خليلوزيتش
يشارك الناخب الوطني وحيد خليلوزيتش توجه وقناعات المغاربة، والذي أكده في تصريحه الأخير بعد الانتصار على مالاوي في دور ثمن نهائي أمم إفريقيا، قائلا: “علينا الهدوء الآن، لم نفعل شيء يستحق الحديث، وجب اجتناب التطبيل والبهرجة، وأن نواصل الاستعداد مع احترام الخصوم والحفاظ على التركيز، فجميعهم أقوياء، وهذا ما أكدته النسخة الحالية من الكان”.
خليلوزيتش يؤكد في كل مرة على ضرورة الانضباط والتركيز على مواصلة المشوار بنفس الحماس والرغبة، مظهرا ثقته بعناصره وحذره من إمكانية الانصياع نحو فخ الاستخفاف.
المنتخب المغربي في منتصف المشوار، لم يحقق ما يشفع للاحتفال، فالإقصاء من دور ربع النهائي يُرف في درج المشاركات المخيبة، بالنظر للإمكانيات المتاحة، ومواجهته المقبلة تبقى صعبة أمام منتخب مصري متمرس، وصاحب التجربة الأكبر في القارة؛ للمغرب حظوظ في المباراة ولكنها ليست وافرة، والتاريخ شاهد للمغاربة على المباريات التي أغرتهم وجرعتهم مرارة الصدمة لحد الاكتفاء.